للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شبهة ومحاسبة النفس في كل طرفة عين) (١).

ورحلة الانحدار تبدأ بزلة واحدة، والحريص على آخرته يجعل بينه وبين الانزلاق وقايات تستره وتحميه، وقد أشار إلى هذا المعنى الشيخ القباري بقوله: (المكروه عقبة بين العبد والحرام؛ فمَن استكثر من المكروه تطرَّق إلى الحرام، والمباح عقبةٌ بينه وبين المكروه؛ فمن استكثر منه تطرق إلى المكروه) (٢)، واستحسن ابن حجر قوله هذا وزاد عليه: (أن الحلال حيث يخشى أن يؤول فعله مطلقًا إلى مكروه أو محرم ينبغي اجتنابه كالإكثار - مثلاً - من الطيبات فإنه يحوج إلى كثرة الاكتساب الموقع في أخذ ما لا يستحق، أو يفضي إلى بطر النفس، وأقل ما فيه الاشتغال عن مواقف العبودية، وهذا معلوم بالعادة، مشاهد بالعيان ...) (٣).

والعلامة الأساسية لصاحب الورع قدرته على ترك ما فيه مجرد الشك أو الشبهة كما قال الخطابي: (كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه) (٤).

ونقل البخاري عن حسان بن أبي سنان قوله: (ما رأيت شيئاً أهون من الورع: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (٥) كما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب - وإن أفتاك


(١) تهذيب مدارج السالكين ص ٢٩٠.
(٢) فتح الباري ١/ ١٢٧ عند شرح الحديث ٥٢ (الحلال بين) من كتاب الإيمان - باب ٣٩.
(٣) فتح الباري ١/ ١٢٧.
(٤) فتح الباري ٤/ ٢٩٣ - من شرح الباب ٣ - من كتاب البيوع.
(٥) صحيح البخاري - من ترجمة الباب ٣ - من كتاب الإيمان.

<<  <   >  >>