مَن يراجع سيرة خير القرون يجد أن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا متميزين بالعصمة من الوقوع في الخطأ مع الخلق أو الخالق، وإنما كانوا بشرًا تميزوا بأنهم {... إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران: ١٣٥] وأنهم {... مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}[الأعراف: ٢٠١] هذه المبادرة إلى التوبة وتلك المسارعة إلى الرجوع للحق هي ما نَعْنيه بسرعة الفيئة.
كثيرًا ما تكون بعض الطبائع التي لم تهذب سببًا من أسباب زلة القدم والوقوع في بعض الخصومات، وقد ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر طبائع الناس وأخلاقهم في إحدى خطبه فقال:«يكون الرجل سريع الغضب، قريب الفيئة، فهذه بهذه، ويكون بطيء الغضب بطيء الفيئة فهذه بهذه، فخيرهم بطيء الغضب سريع الفيئة وشرهم سريع الغضب بطيء الفيئة»(١).
وحبل الخيرية بيدك أيها المؤمن، وما عليك إلا أن تضبط عواطفك فلا تغضب ولا تُسِئ، وإن لم تتمالك نفسك فلا يطل عليك الأمد ويتراكم على قلبك الران، وإنما تفيء إلى دائرة الحق بسرعة، وترجع إلى جادة الصواب على عجل.
(١) مسند أحمد ٣/ ٦١ ورواه الترمذي في الفتن وحسنه، وفي سنده ضعيف ولبعض فقراته شواهد: جامع الأصول ١١/ ٨٤٨.