للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يخلُ بيتٌ من بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خصومات تقع بين زوجاته، ولكن انظروا إلى شهادة عائشة رضي الله عنها في ضرتها زينب رضي الله عنها وإلى ما ذكرت من خُلُق زينب: (ولم أر امرأة قط خيرًا من زينب وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة) (١).

فلم تكن تُنكر عليها سوى حدَّةٍ في طبعها، ولكنها رضي الله عنها كانت تسارع فتستدرك وتصلح ما نتج عن حدتِها.

ولذلك حين تعرض الأعمال يومي الاثنين والخميس يغفر لكل مؤمن إلا المتخاصمين فيقال: «أنظِروا هذين حتى يصطلحا» (٢)، وفي رواية: «اتركوا هذين حتى يفيئا» (٣)، «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» (٤).

والمتوقع من المؤمن الصادق أنه يسرع الفيئة ويسابق إلى الصلح، أنا من يلجُ في الخصومة ويغرق في التمادي فإن «أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» (٥)، وفسره ابن حجر بأنه: شديد العوج، كثير الخصومة (٦).


(١) صحيح مسلم - كتاب فضائل الصحابة - باب ١٣ - الحديث ٨٣ (شرح النووي ١٥/ ٢١٥).
(٢) سنن أبي داود - كتاب الأدب - باب ٥٥ - الحديث ٤٩١٦ (صحيح).
(٣) صحيح مسلم - كتاب البر - باب ١١ - الحديث ٢٥٦٥ (شرح النووي ١٦/ ٣٥٨).
(٤) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٦٢ - الحديث ٦٠٧٧ (الفتح ١٠/ ٤٩٢).
(٥) صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب ٣٤ - الحديث ٧١٨٨ (الفتح ١٣/ ١٨٠).
(٦) فتح الباري ٨/ ١٨٨.

<<  <   >  >>