للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» (١)، وتستطيع تجاوز العقبة بأن تكون صريحًا مع نفسك وتعترف بخطئك، وهذه بداية طريق التوبة والفيئة إلى الله «فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه» (٢)، وإذا كان ربنا يدعونا إلى سَعَة رحمته ويقابل ضعفنا بإحسانه، فما الذي يبطئ بنا عن إصلاح أنفسنا، وما الذي يحول بيننا وبين الفيئة السريعة والرجعة النصوح؟ وقد جاء في الحديث القدسي: «وإن تقرب إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته ... هرولة» (٣).فهرول أيها العبد إلى رحمة الله وإياك والتسويف.

إن الذي يَحُول دون التعجيل بالتوبة الوقوع في قيد الإصرار، ولقد ترجم البخاري أحد أبواب كتاب الإيمان بقوله: (خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى: {... وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل العمران: ١٣٥] (٤)، ويُعلِّق ابن حجر على هذا الباب (وكأن المصنف لمح بحديث عبد الله بن عمرو المخرج عند أحمد مرفوعاً قال: «ويل للمُصرِّين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون»؛ أي: يعلمون أن مَن تاب تاب الله عليه ثم لا


(١) صحيح مسلم - كتاب التوبة - باب ٥ (شرح النووي ١٧/ ٨٣).
(٢) صحيح البخاري - كتاب التفسير - باب ٦/ الحديث ٤٧٥٠ (الفتح ٨/ ٤٥٤).
(٣) صحيح البخاري - كتاب التوحيد - باب ١٥ - الحديث ٧٤٠٥ (الفتح ١٣/ ٣٨٤).
(٤) صحيح البخاري ترجمة الباب ٣٦ من كتاب الإيمان الفتح ١/ ١٠٩.

<<  <   >  >>