كثيرًا ما نجد شبابًا يحنُّون إلى البدايات التي كانوا يتفجَّرون فيها حيوية، ويتدفقون حماسًا، ويبالغون في الحرص على دقائق السنن، ناهيك عن البعد عن دائرة الحرام والشبهات، ثم ماذا؟ كلَّت النفوس، وفترت الهمم، واكتفى كل شاب بأن يكون واحدًا من عامة المسلمين. وهذا أحسن حالاً ممن انقلبوا على أعقابهم فغَدوا يعادون الدعوة ويسخرون من أهلها ويحذرون من سبيلها، إنها معركة تقرير المصير بين الارتداد على الأعقاب والثبات.
نعني بالثبات الاستمرار في طريق الهداية، والالتزام بمقتضيات هذا الطريق، والمدوامة على الخير، والسعي الدائم للاستزادة، ومهما فتر المرء، فهنالك مستوى معين لا يقبل التنازل عنه أو التقصير فيه، وإن زلت قدمه فلا يلبث أن يتوب، وربما كان بعد التوبة خيرًا مما كان قبلها، ذلك هو حال المتصف بخلق الثبات.
وللثبات صور تشمل عددا من جوانب حياة المسلم منها الثبات في المعركة كما ثبت الربيون الكثير مع أنبيائهم، وكان قولهم {... رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ...}[آل عمران: ١٤٧] والفئة الصابرة بإمرة طالوت الذين قال الله فيهم {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ...}[البقرة: ٢٥٠] وفي ذلك توجيه للمؤمن أن يلتجئ