للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الله طالبًا منه التثبيت.

وخُوطِب أبناءُ هذه الأمة بأمر الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ...} [الأنفال: ٤٥].

ومن الكبائر في ديننا الفرار من الزحف؛ ولذلك كان من الوصايا العشر التي أوصى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل: «وإيَّاك والفرار من الزحف وإن هلك الناس، وإذا أصاب الناس مُوتانٌ وأنت فيهم فاثبُتْ» (١)؛ لأن الثبات يزيد المؤمنين قوة، ويوقع في نفوس العدو رهبة، وتزعزعُ المواقف يخذل الصديق ويُشمِّت العدو، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمق هذا المعنى يوم الأحزاب وهو ينقل التراب وقد وارى التراب بطنه وهو يقول: (لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدَّقْنا ولا صلَّينا، فأنزل السكينة علينا، وثبِّت الأقدام إن لاقينا، إن الأُلَى قد بغَوْا علينا إذا أرادوا فتنة أبَيْنا) (٢).

ولأن مسألة الثبات على الدين قضية تشغل فكر المسلم فإنه يكثر من الدعاء بها، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر من قول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» (٣)، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخشى على نفسه في مواجهة الجاهلية أن يداهن أو يلين، ولذلك خاطبه ربنا عز وجل بفضله عليه بأن أخلص ولاءه لله {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ


(١) مسند أحمد ٥/ ٢٣٨ وطرفه (أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشر كلمات قال: لا تشرك بالله شيئاً ..).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الجهاد - باب ٣٤ الحديث ٢٨٣٧ (الفتح ٦/ ٤٦).
(٣) مسند أحمد ٣/ ١١٢.

<<  <   >  >>