للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«الحياء لا يأتي إلا بخير».

إنه لمن مظاهر التوازن، ومن علامات التكامل في التربية، أن تجد المؤمن القوي الحازم الدؤوب حييًّا خجولاً أديبًا وقورًا.

والحياء الممدوح: (خلق يبعث على ترك القبيح) (١)؛ كما عرَّفه ابن حجر.

أما التحرج من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واتخاذ المواقف الجريئة في الحق، والتفقه في الدين، فليس من الحياء، وهذا بعض ما أشار إليه ابن حجر حين صنَّف الحياء إلى شرعي وغير شرعي، فقال: (الشرعي الذي يقع على وجه الإجلال والاحرتام للأكابر - وهو محمود - وأما ما يقع سببًا لترك أمر شرعي، فهو مذموم وليس هو بحياء شرعي، وإنما هو ضعف ومهانة) (٢).

لا ينبغي الحياء في المطالبة بالحقوق، ولا في تعليم الجاهل، ولا في السؤال عما لا نعلم، فقد قال مجاهد: لا يتعلم العلم مستحيٍ ولا متكبِّر، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (نِعْم النساء نساءُ الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين) (٣)، وكانت أم سُلَيم تسأل في مسائل دقيقة من أحكام النساء، وتستفتح سؤالها بقولها: (يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق)، قال ابن حجر: (أي لا


(١) فتح الباري ١٠/ ٥٢٢ عند شرحه لباب الحياء من كتاب الأدب - الحديث ٦١١٨.
(٢) فتح الباري ١/ ٢٢٩ عند شرحه لباب الحياء في العلم من كتاب الإيمان.
(٣) صحيح البخاري - كتاب العلم - من ترجمة باب ٥٠ (الفتح ١/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>