للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يأمر بالحياء في الحق) (١).

ومَن لم يُرزَق الحياء بالفطرة، طُولِب به بالقصد والاكتساب والتعلُّم، خاصة وأنه الخلق المميز لأتباع هذا الدين، كما جاء في الحدث الحسن: «إن لكل دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء» (٢)، وقد ورد أنه من سنن المرسلين، وأنه من الإيمان: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبَذاء من الجفاء، والجفاء في النار» (٣)، وقد كان حبيبنا وقدوتنا (أشد حياء من العذراء في خدرها) (٤) (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حييًّا كريمًا يستحيي ..) (٥)، وبعد كل ذلك هل نختار الحياء أم البَذاء؟ ونتحلى بالإيمان أم بالجفاء؟ ونُؤثِر أخلاق أهل الجنة أم أخلاق أهل النار؟

لقد كان أهل الجاهلية - على جاهليتهم - يتحرَّجون من بعض القبائح بدافع الحياء، ومن ذلك ما جرى مع أبي سفيان عند هرقل، لَمَّا سئل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويقول في ذلك: (فوالله لولا الحياء من أن يؤثروا عليَّ كذبًا، لكذبتُ عنه) (٦)، فمنعه من الحياء الافتراء على رسول الله، لئلا يوصف بالكذب، ويشاع عنه ذلك.

وكذلك ما جرى مع السيدة خديجة، حيث وافق أبوها في حضرة جمعٍ من قريش - وهو سكران - على خطبتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما صحا من سكره، وفكَّر


(١) المصدر السابق، عند شرح ابن حجر لقطعة من الحديث ١٣٠ من صحيح البخاري.
(٢) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٤٠٦ - الحديث ٣٣٧٠/ ٤١٨١ (حسن).
(٣) صحيح سنن ابن ماجة ٢/ ٤٠٦ - الحديث ٣٣٧٣/ ٤١٨٤ (صحيح).
(٤) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٧٧ - الحديث ٦١١٩ (الفتح ١٠/ ٥٢١).
(٥) مسند أحمد ٦/ ٣١٤.
(٦) صحيح البخاري - كتاب بدء الوحي - باب ٦ - الحديث ٧ (الفتح /٣١).

<<  <   >  >>