للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«حتى يَميز الخبيث من الطيب».

نعني بالطيبة سلامة الصدر، وصفاء النفس، ورقة القلب، ويتأصل هذا الخلق باستمرار التزكية للنفس، ثم تنعكس آثاره على السلوك: أخوةً وسماحةً وسكينةً ووفاءً، والذين يفتقدون هذا الخلق، تراهم غارقين في صور من التحاليل والكيد، وسوء الظن والخبث.

ومعنى «الطيب» في اللغة: الطاهر والنظيف، والحسن والعفيف، والسهل واللين، وذو الأمن والخير الكثير، والذي لا خبث فيه ولا غدر (١)، ومن هذه المعاني نفهم المراد بالرجل الطيب، والزوجة الطيبة، والبلدة الطيبة، والقول الطيب، والذرية الطيبة، والريح الطيبة، والحياة الطيبة، وكلها معاني طهر وعفة وصفاء ونقاء، وهذا حال صاحب خلق «الطيبة».

إن الله عز وجل حين خلق بني آدم «جعل منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك» (٢)، ولا يستوي الخبيث والطيب، ولا يأتلف كل واحد إلا مع قرينه وشبيهه.

وحرصًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - على اعتزاز المؤمن بالطيبة، نهاه أن


(١) يراجع في لسان العرب مادة (طيب) ١/ ٥٦٣.
(٢) مسند أحمد ٤/ ٤٠٦. وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ١٧٥٩.

<<  <   >  >>