للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينسب الخبث إلى نفسه، فقال: «لا يقولن أحدكم خَبُثَت نفسي ..» (١)، ويورد ابن حجر قول ابن أبي حمزة في بيان الحكمة من هذا النهي، فيقول: (وفيه أن المرء يطلب الخير حتى بالفأل الحسن، ويضيف الخير إلى نفسه ولو بنسبة ما، ويدفع الشر عن نفسه مهما أمكن، ويقطع الوصلة بينه وبين أهل الشر حتى في الألفاظ المشتركة) (٢).

ولقد شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمن الذي يقرأ القرآن بثمرة «الأترُجَّة»: «طعمها طيب وريحها طيب» (٣)، وضرب للمؤمن مثلًا آخر، فقال: «والذي نفس محمد بيده، إن مثل المؤمن لكمثل النحلة، أكلت طيبًا، ووضعت طيبًا ..» (٤)، وكلها تؤكد على أصالة عنصر الطيبة في نفسية المؤمن، وسمة الخيرية في تعامله.

والرجل الطيب، قد يختلف حاله .. فيكون أحيانًا أكثر انشراحًا، وأحسن بشاشة .. تبعًا لما يمر به من أقدار، وقد لاحظ الصحابة - رضي الله عنهم - ذلك مرةً على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقال بعضهم: «نراك اليوم طيب النفس، فقال: أجل. والحمد لله. ثم أفاض القوم في ذكر الغنى. فقال: لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة لمن اتقى خير من الغنى،


(١) (صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ١٠٠ - الحديث ٦١٧٩ (الفتح ١٠/ ٥٦٣)
(٢) فتح الباري ١٠/ ٥٦٤
(٣) صحيح البخاري - كتاب التوحيد - باب ٥٧ - الحديث ٧٥٦٠ (الفتح ١٣/ ٥٣٥)
(٤) مسند أحمد ٢/ ١٩٩ - وإسناده قوي: كما في تخريج الحديث ٨٧٦ في سلسلة الأحاديث الصحيحة.

<<  <   >  >>