للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطيب النفس من النعيم» (١).

والعبادة صورة يومية من صور جلاء القلب، وتصفية النفس من كل خبث، ويؤكد هذا المعنى ما رواه البخاري، من أن الشيطان يعقد على قافية النائم ثلاث عقد، قائلاً له: «عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضَّأ انحلت عقدة، فإن صلَّى انحلَّت عقده كلها، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان.» (٢).

يقول ابن حجر: (قوله: طيب النفس؛ أي: لسروره بما وفَّقه الله له من الطاعة، وبما وعده من الثواب، وبما زال عنه من عقد الشيطان. كذا قيل. والذي يظهر أن في صلاة الليل سرًا في طيب النفس ..) (٣).

وما جعل الله مواطن البلاء إلا للتمحيص والتمييز، كما قال تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: ٧٩]، وفي ظلال الآية: أن دور الأمة المسلمة (يقتضي التجرد والصفاء، والتميز والتماسك .. وكل هذا يقتضي أن يصهر الصف؛ ليخرج منه الخبث .. ومن ثَمَّ كان شأن الله - سبحانه - أن يَميز الخبيث من الطيب) (٤)، وتجري سنة الله في أن الزَّبَد يذهب جُفاءً، وأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض.


(١) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٦ - كتاب التجارات - باب ١ - الحديث ١٧٤١/ ٢١٤١ (صحيح)
(٢) صحيح البخاري - كتاب بدء الخلق - باب ١١ - الحديث ٣٢٦٩ (الفتح ٦/ ٣٣٥)
(٣) فتح الباري ٣/ ٢٦ من شرح الحديث ١١٤٢ من كتاب التهجد.
(٤) في ظلال القرآن ١/ ٥٢٥.

<<  <   >  >>