الله عز وجل عزيز، ويريد لعباده أن يكونوا عزيزين، على ألا تمتد مساحة عزتهم على إخوانهم، فتغدو عندئذٍ إعجابًا بالنفس، واستعلاءً على الآخرين، وحطًّا من شأنهم.
والله عز وجل يمن على عباده أن هداهم للإيمان، فإن أبَوْا إلا الضلالة، فهو قادر على الاستبدال بهم قومًا يعتزُّون بإيمانهم، ويتواضعون لإخوانهم. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَاتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}[المائدة: ٥٤]، فهذه الذلة على المؤمنين صفة المصطفين لحمل هذا الدين - حين يرتد عنه المرتدون.
وفي تفسير الآية:{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: يرأفون بالمؤمنين، ويرحمونهم، ويَلِينون لهم، ويغلظون على الكفار، ويعادونهم.
قال ابن عباس: هم المؤمنين كالوالد للولد، والسيد للعبد. وهم في الغلظة على الكفار، كالسبع على فريسته؛ قال الله تعالى:{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: ٢٩](١).
وفي تعليل استعمال حرف الجر (على) في قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}؛ تفسيران: ففي قول إنه (ضمنه معنى الحنو والعطف