المؤمن الذي يتمتع بدرجة عالية من الإحساس والتأثر، يبقي حي القلب، مرهف الحس، وينعكس ذلك على سلوكه، بتفاعله مع ما يجرى حوله، وانفعاله بما يثير ويحرك فيغضب الله، ويفرح لنصرة دين الله، ويتمعَّر وجهه إذا انتهكت حرمات الله، ويهتم لحال عباد الله وسطوة أعداء الله.
والفاقد لهذا الخلق: تراه بليدًا جامدًا، ميت الشعور، خامل الإحساس، يتلقى كل ما يجري حوله بفتور، إلا أن يكون أمرًا يمس مصالحه الشخصية، فيثور له ويغضب ويهتم لأجله ويسعى، وهل أمر نفسه أولى عنده من أمور جميع المسلمين؟ وهل مصيبته في نفسه أشد عليه من كل مصائب المسلمين؟.
إن صاحب (الإحساس والتأثر) يراعي مشاعر إخوانه، ويحترمها، ويحذر أن يمسها بسوء، يروى أن أبا سفيان - في هدنة صلح الحديبية - قبل إسلامه، مر على سلمان وصهيب وبلال، فأرادوا أن يسمعوه قولًا يغيظه، فقالوا: والله ما أخذت سيوفُ الله من عنق عدو الله مأخذها. فاستنكر عليهم أبو بكر ما قالوا، وقال لهم: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟! وذهب أبو بكر فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما جرى، فكان أول أمر أهم رسول الله، أن تساءل عن مشاعرهم تجاه ما صدر من أبي بكر، فقال له:«يا أبا بكر لعلك أغضبتَهم، لئن كنت أغضبتهم، لقد أغضبت ربك»، فأتاهم أبو بكر يسترضيهم، ويستعطفهم، قائلًا: يا إخوتاه! أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك