للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وكن قنعًا تكن أشكر الناس».

صورة اللاهث على الدنيا، المتهافت على الاستكثار منها بجشع وطمع، الذي يرضى بالدنية، ويعتاد الشكوى، ويُلحِف في السؤال، هذه الصورة لا تنسجم مع عزة المجاهد، وقناعته، وتعففه، ورضاه بما قسم الله له.

إن الاستسلام لدواعي الطمع ليس له نهاية، إذا أرخى المرء عنان شهواته؛ لذلك جاء في الحديث: «.. إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع ..» (١).

ويغلب الطمع على المتنافسين في الدنيا وزينتها، والمتطلعين دوما إلى من هو فوقهم، يعلل الإمام النووي ذلك بقوله: (لأن الإنسان إذا رأى من فضل عليه في الدنيا، طلبت نفسه مثل ذلك، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى، وحرص على الازدياد؛ ليلحق بذلك أو يقاربه، هذا هو الموجود في غالب الناس ...) (٢).

وهذا الحرص الزائد في نفس المرء، يفسد عليه دينه، كما جاء في الحديث: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء


(١) صحيح البخاري - كتاب الزكاة - باب ٥٠ - الحديث ١٤٧٢.
(٢) شرح مسلم للنووي - كتاب الزهد والرقائق - من شرح الحديث ٢٩٦٣.

<<  <   >  >>