للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على المال والشرف لدينه» (١).

والتعلق القلبي الزائد بزينة الحياة، وبالاستكثار من المال، يستعبد المرء، وقد دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أولئك بالتعاسة: «تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة: إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس ...» (٢).

ولا تنال القناعة إلا بمجاهدة النفس وبتوفيق من الله «.. من يستعفف يعفه الله، ومن يستعن يغنه الله» (٣) وقد كان الصحابي الكريم حكيم بن حزام يمتنع من أن يأخذ حقه في الفيء - رغم إلحاح سيدنا عمر عليه - ويفسر ابن حجر سبب ذلك بقوله: (وإنما أمتنع حكيم من أخذ العطاء - مع أنه حقه - لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئا، فيعتاد الأخذ، فتتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده، ففطمها عن ذلك، وترك ما يريبه إلى ما لا يريبه ..) (٤).

وقد عد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل الجنة: «عفيف متعفف، ذو عيال» (٥) إذ أنه يجاهد نفسه مع وجود الحاجة.

ومن تمام الاستعفاف: أن بعض الصحابة كانوا يبايعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ألا يسألوا الناس شيئا، ويصف الرواي حالهم بعد رسول الله، فيقول: (.. فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فما يسأل


(١) صحيح سنن الترمذي - كتاب الزهد - باب ٣٠ - الحديث ١٩٣٥/ ٢٤٩٥ (صحيح).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الجهاد - باب ٧٠ - الحديث ٢٨٨٧.
(٣) صحيح البخاري - كتاب الزكاة - باب ٥٠ - الحديث ١٤٦٩.
(٤) فتح الباري - كتاب الزكاة - باب ٥٠ - من شرح الحديث ١٤٧٢.
(٥) صحيح مسلم - كتاب الجنة - باب ١٦ - الحديث ٦٣.

<<  <   >  >>