للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«مَن أقال مسلمًا أقاله الله عثرته».

لما بالغ الناس بسوء الظن وبالمبادرة الى التعنيف والتأثيم، كان لا بدَّ من وقفة مع (الإعذار)، ونعني به: العفو عن المخطئ المستعفي عن إساءته، وقبول عذر صاحب العذر، والتماس العذر لمن لا نعرف عذره.

يساعدك في قبول عذر إخوانك أو التماس العذر لهم، أن تكون في تقويم الناس والحكم على أعمالهم، بعيدًا عن الاعتداد برأيك، متهمًّا لنفسك، يقول سهل بن حُنَيف - رضي الله عنه -: (يا أيها الناس! اتهموا رأيكم على دينكم؛ لقدر رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرددته ..) (١)، وعلل مقولته تلك بأنهم - في نظر العقل - ما كانوا يعذرون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلح الحديبية، مما كاد يجعلهم يردون أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتوقع سوء التقدير منك قبل المسارعة إلى اتخاذ رأي أو موقف.

كما يساعدك على الإعذار؛ الفقه في الدين وإدراك حدود الشرع، يقول أنس بن مالك: (لقد كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة، لو صلاها أحدكم اليوم لعِبْتُموها عليه) (٢)، فقد يكون منشأ إنكارك هو جهلك، وليس خطأ أخيك.

وحين يخالفك أخوك في الاجتهاد، قد يكون في الأمر سَعة لا


(١) صحيح البخاري - كتاب الاعتصام - باب ٧ - الحديث ٧٣٠٨.
(٢) مسند أحمد ٣/ ١٥٨، موقوفاً على أنس بن مالك.

<<  <   >  >>