للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ} (*).

حتى لا يسترسل المسلم في خطأ وقع فيه، أو هوى انساق إليه، لا بدَّ له في حياته من وقفات مع نفسه ومع إخوانه؛ لمراجعة حساباته من جديد، والسير - بعدئذٍ - على بصيرة.

وقد افتتح البخاري أحد أبواب الصوم بكلمة لأبي الزناد جاء فيها: (إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيرًا على خلاف الرأي ..) (١)، فحين يتخذ أحدنا لنفسه قناعات لا يَحيد عنها، ولا يقبل المراجعة فيها، قد لا يسلم من هوى يطغيه، أو فساد في الرأي يرديه.

وإن ديننا حين بشَّر المجتهد المخطئ بأجر، فإنه لا يقبل في الوقت نفسه التعامي عن الخطأ، والإِصرار عليه، وكم أفتى فقهاؤنا بفتاوى ثم رجعوا عنها، لما أعادوا النظر فيها، وتبيَّن لهم الصواب في غيرها، وإن الذين تردهم الملائكة عن الحوض، إنما مصيبتهم في الاسترسال في الغي، ويُقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «.. إنهم قد بدَّلوا بعدك، ولم يزالوا يرجعون على أعقابهم، فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سحقًا سحقًا» (٢)، يدعو عليهم بالهلاك؛ لأنهم لم يراجعوا أنفسهم، ولم يفيئوا إِلى الصواب.


(*) سورة آل عمران، الآية ١٣٥.
(١) صحيح البخاري - كتاب الصوم - من ترجمة الباب ٤١ عن أبي الزناد (الفتح ٤/ ١٩١).
(٢) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الزهد - باب ٣٦ - الحديث ٣٤٧٥/ ٤٣٠٦ (صحيح).

<<  <   >  >>