للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المراجعة وسيلة لمحاسبة النفس، والتصحيح نتيجة، تظهر آثارها بالرجوع عن المعصية الجلية، أو الخطأ في الاجتهاد والرأي.

ومن وسائل المراجعة للتصحيح: الاستماع إلى المشورة بنيَّة البحث عن الحق، وقد أورد البخاري قصة اقتراح عمر على أبي بكر - رضي الله عنهما - أن يجمع القرآن، ولم يقبل أبو بكر بذلك (فقال عمر: هو والله خير - قال أبو بكر -: فلم يزل عمر يراجعني فيه، حتى شرح الله لذلك صدري، ورأيت الذي رأى عمر ..) (١)، ولم يُصِرَّ على رأيه، ولم يحجزه المنصب عن قَبول الصواب ممَّن دونه.

ويعين على الصواب: مطالبة البطانة الصالحة بالتذكير بما هو خير وأصوب، وخاصة حين لا يبادر الآخرون بالتذكير، ولن نكون أصوب رأيًا، ولا أهدى فكرًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث يقول: «.. إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإِذا نسيت فذكروني ..» (٢)، وحينما نشعر الناس بالترحيب بالتذكير، ونرفع عنهم الحرج الذي يتوقَّعونه، تكون عيون الناس - عندئذٍ - مرآتنا التي تقوِّمنا على الدوام.

وتضمن لنفسك سلامة الطريق وصواب الرأي باتخاذ البطانة الصالحة، وعدم الالتفات إلى المدَّاحين؛ الذين لا يُبصِّرون أخاهم بأخطائه، ففي الحديث أن: «مَن ولَّاه الله عز وجل من أمر المسلمين شيئًا، فأراد به خيرًا، جعل له وزير صدق، فإن نسي ذكَّره، وإن ذكر أَعانه» (٣).


(١) صحيح البخاري كتاب التفسير سورة ٩ باب ٢٠ الحديث ٤٦٧٩ (الفتح ٨/ ٣٤٤).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الصلاة - باب ٣١ - الحديث ٤٠١ (الفتح ١/ ٥٠٣).
(٣) صحيح سنن النسائي للألباني - كتاب البيعة - باب ٣٣ - الحديث ٣٩٢٠ (صحيح). ورواه أحمد ٦/ ٧٠ واللفظ له.

<<  <   >  >>