للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان الحُرُّ بنُ قيس من مقرَّبِي عمر بن الخطاب، وهمَّ عمر أمامه بضرب عُيَيْنة بن حصن لتطاوله عليه، فقال له الحر: (يا أمير المؤمنين! إن الله تعالى قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {خُذِ الْعَفْوَ وَامُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩]، وإن هذا من الجاهلين)، يقول الراوي: (والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافًا عند كتاب الله) (١) وكم من المظالم يمكن أن تزول، وكم من الممارسات الخاطئة يمكن أن تُصحِّح؛ حين تقوم البطانة بدورها الصالح.

والخلوة بالنفس من أنجح صور المراجعة؛ لمحاسبة النفس، وتصحيح العمل، رُوي عن عمر بن الخطاب قوله: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وتزيَّنوا للعرض الأكبر) (٢)، ويروى عن ميمون بن مهران قوله: (لا يكون العبد تقيًّا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه) (٣)، والرابح أخيرًا هو أنت، وليس العيب في الرجوع عن الخطأ، وإنما البلاء الكبير في الإصرار على الباطل.

ومن بركات هذه المراجعة للنفس: أنها سببٌ من أسباب رفع لبلاء وتخفيف الحساب، ففي بقية كلمة عمر السابقة: (وإنما يخفَّف الحساب يوم القيامة على مَن حاسب نفسه في الدنيا) (٤).


(١) صحيح البخاري - كتاب التفسير - سورة ٧ - باب ٥ - الحديث ٤٦٤٢ (الفتح ٨/ ٣٠٤).
(٢) سنن الترمذي - كتاب القيامة - باب ١٤ - الحديث ٢٥٧٧ موقوفًا على عمر (تحفة الأحوذي ٧/ ١٥٥).
(٣) سنن الترمذي - كتاب القيامة - باب ١٤ من قول ميمون بن مهران.
(٤) بقية قول عمر السابق في سنن الترمذي - كتاب القيامة - باب ١٤ - الحديث ٢٥٧٧.

<<  <   >  >>