للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ولئن اعتذرت لا تعذرونني!»

الاعتذار: أدب اجتماعي في التعامل الإسلامي، ينفي منك شعور الكبرياء، وينفي من قلب أخيك الحقد والبغضاء، ويدفع عنك الاعتراض عليك، أو إساءة الظن بك، حين يصدر منك ما ظاهره الخطأ.

ومع أن الاعتذار بهذا المعنى حسن، فالأحسن منه أن تحذر من الوقوع فيما يجعلك مضطرًّا للاعتذار، فقد جاء في الوصية الموجزة، من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -: «ولا تكلَّم بكلام تعتذر منه غدًا» (١) فإن زلت قدمك مرة فإنه «لا حليم إلا ذو عثرة، ولا حكيم إلا ذو تجربة» (٢) - كما في الحديث - وعندئذٍ فإن من التواضع ألا تكابر في الدفاع عن نفسك، بل إن الاعتراف بالخطأ أطيب للقلب، وأدعى إلى العفو، ومعلوم أن توبة الصحابي الكريم كعب بن مالك إنما أنجاه فيها الصدق، فقد كان يقول: (يا رسول الله، إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني أخرج من سخطته بعذر، والله ما كان لي عذر) (٣)، ولن يُنقض من منزلتك أن تعترف بخطئك، وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا كان يظن أنه لا ضرورة لتأبير النخل


(١) مسند أحمد ٥/ ٤١٢ وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٤٥ برقم ٣٣٦٣.
(٢) مسند أحمد ٣/ ٦٩ وحسنه الترمذي ووافقه الأرناؤوط (جامع الأصول ١١/ ٦٩٩).
(٣) مسند أحمد ٣/ ٤٥٧ واصل القصة في الصحيحين.

<<  <   >  >>