للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُغفَرْ الله لكم» (١)، وقد وصف الله عباده المؤمنين بأنهم: {وَإذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: ٣٧].

وقد يوسوس الشيطان للمسلم: إنك لو تسامحت وصفك الناس بالعجز، وظنوا فيك الضعف؛ ولأن تُؤثرَ أن يقال فيك ما يقال خير لك من الوقوع في الفجور، بحيث يخشى الناس شرَّك، وقد ورد في الحديث: «يأتي عليكم زمان يُخيَّر فيه الرجل بين العجز والفجور، فمن أدرك هذا الزمان فليختَرِ العجز على الفجور» (٢)، ولابد من الإشارة إلى أن السماحة هنا مع أصحاب الفلتات من المسلمين، أما الذين يظلمون الناس، ويصرُّون على ذلك، فيُعامَلون بخلق (الانتصار).

وإن مما يتنافى مع السماحة الانزلاق إلى اللدد والخصومة؛ إذ كما يحب الله السماحة فإن «أبغض الرجال إلى الله الألدٌّ الخَصِم» (٣)، قال في الفتح: (الألدُّ: الكذَّاب، وكأنه أراد أن من يكثر المخاصمة، يقع في الكذب كثيرًا) (٤)، وحين يفتقد المرء السماحة تجده ينحدر في أخلاقه، إلى أن ينجرف إلى التصايح والجدل لأمر يعلم بطلانه، أو وقوفًا مع طرف لا يدري مدى أحقيته، «ومَن خاصم في باطل - وهو يعلمه - لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه» (٥)، وقد قيل في المثل: (ما استرسل كريم قط).


(١) صحيح الجامع - الحديث ٨٩٧ (صحيح).
(٢) مسند أحمد ٢/ ٢٧٨.
(٣) صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب ٣٤ - الحديث ٧١٨٨ (الفتح ١٣/ ١٨٠)
(٤) فتح الباري ١٣/ ١٨١.
(٥) صحيح سنن أبي داود ٢/ ٦٨٦ - الحديث ٣٠٦٦/ ٣٥٩٧ (صحيح).

<<  <   >  >>