للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إن الله كريم يحب الكرماء».

بين الكرم والتضحية ارتباطٌ وثيق وصلة قوية؛ فالمجاهد يَجُود بنفسه - وهذا غاية الجود - والمتحرِّر من شهوة المال، الباسط يده في أبواب البر والإحسان، قد يكون أقدر على الجهاد، لَما يُؤصِّله الكر في النفس من معاني التضحية والإيثار.

ولأن الكرم له مجالاته المشروعة، فإن بذل المال في غيرها قد لا يكون كرمًا، ولذلك يقول ابن حجر: (والجود في الشرع إعطاءُ ما ينبغي لمن ينبغي وهو أعم من الصدقة) (١)، وضده الشح الذي يعني البخل مع مزيد من الحرص.

وصاحب الكرم لا بدَّ أن يكون شديد التوكل، عظيم الزهد، قوي اليقين. ولذلك فإن الكرم مرتبط بالإيمان ظاهره كرم اليد ودافعه كرم النفس، وقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤمن بقوله: «المؤمن غرٌّ كريم، والفاجر خب لئيم» (٢)، وفي حديث آخر: «ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدًا» (٣).

وأعظم صور الكرمِ ما يكون مع الفقر والحاجة وقلة ذات اليد، وهذه كانت من أخلاق العرب في الجاهلية، وأهل الإيمان بها أولى.


(١) فتح الباري ١/ ٣١ من شرح الباب ٥ من كتاب الوحي.
(٢) صحيح سنن الترمذي - أبواب البر - باب ١٤ - الحديث ١٥٩٩/ ٢٠٤٧ (حسن).
(٣) صحيح سنن النسائي - كتاب الجهاد - باب ٨ - الحديث ٢٩١٣ (صحيح).

<<  <   >  >>