للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد أن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه ليس لي من شيء إلا ما أدخل على الزبير أفأعطي؟»، قال: «نعم، لا تُوكِي فيُوكَى عليك» (١)، وعلى قلة ما يدخل عليها أشار عليها بالعطاء وبعدم الإحصاء ليُبارِك في الرزق ولمزيد من التوكُّل.

وجيء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بلحمٍ، أتدرون ممن كان، كان من بَريرة الفقيرة ومن صدقة قدَّمت إليها: «قال: ما هذا؟» «قالوا: شيء تُصُدِّق به على بَريرة»، «فقال: هو لها صدقة ولنا هدية» (٢)، فقد كان الواحد منهم لا يملك إلا قوت يومه ويكون كريمًا، وحين سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الصدقة أفضل؟ «قال: جهد المُقلِّ» (٣).

إن دينَنا بماله من أهداف عظيمة ليحتاج إلى النفوس الكريمة التي يفيض خيرها على الأقربين، وينصب في الإعداد والجهاد «أفضل الدينار: دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله. ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله» (٤).

قد تنطلق نفحات الكرم من فاقد الأمل بالدنيا حين يشرف على الموت، ولكن الكرم الحقيقي لصاحب قوة البدن، وطول الأمل، ودواعي الحرص محيطة به من كل جانب، لذلك حين سئل رسول الله


(١) صحيح سنن الترمذي - أبواب البر - باب ٤٠ - الحديث ١٥٩٨/ ٢٠٤٣ (حسن).
(٢) صحيح سنن أبي داود - كتاب الزكاة - باب ٣١ - الحديث ١٤٥٧/ ١٦٥٥ (حسن).
(٣) صحيح سنن أبي داود - كتاب الزكاة - باب ٤١ - الحديث ١٤٧١/ ١٦٧٧ (حسن).
(٤) صحيح سنن الترمذي - أبواب البر - باب ٤٢ - الحديث ١٦٠١/ ٢٠٤٩ (حسن).

<<  <   >  >>