للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد بقي فيه من الخير مَن أشار على أخيه بما لا ينفعه، بل ربما بما يضره؟!

والمجاهد في أرض المعركة مأمورٌ بالأمانة، ومنهيٌّ عن الغدر والخيانة والغلول: «لا تغدروا ولا تغلُّوا ولا تمثلوا» (١)، والقاعد الذي يخلف المجاهد في أهله بخيرٍ قائمٌ بالأمانة، وإن قصر أو خان وقف له المجاهد يوم القيامة، يأخذ من حسناته ما شاء: «وما من رجلٍ من القاعدين يخلف رجلًا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة، فيأخذ من عمله ما شاء، فما ظنكم؟» (٢)؛ أي: هل تظنُّون أنه يُبقي له من حسناته شيئًا؟

ومن أخطر الأمانات شأنًا حفظ أسرار الناس، وستر عَوْراتهم، وكتمان أحاديث مجالسهم، فقد ورد في الحديث «المجالس بالأمانة» (٣)، وإن لم يوصِ المتحدِّث بكتمان حديثه الخاص إليك لم يكن لك أن تُشيِّعه إلا بإذنه وعلمه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا حدَّث رجل رجلًا بحديث ثم التفت فهو أمانة» (٤)، وأقل ما في هذه الأمانة أن ينقله الناقل - حين ينقله - بنصِّه، ولا يُحمِّله ما ليس فيه بتدليس أو تحريف.

ومن الأمانة في العمل إتقانه، وكتمان أسراره، ولذلك ترجم البخاري في كتاب الأحكام (باب: يستحب للكاتب أن يكون أمينًا


(١) مسند أحمد ١/ ٣٠٠ وهو عند مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والموطأ.
(٢) مسند أحمد ٥/ ٣٥٢ وعند مسلم برقم ١٨٩٧ في كتاب الإمارة.
(٣) صحيح الجامع - الحديث ٦٦٧٨ (حسن).
(٤) صحيح الجامع - الحديث ٤٨٦ (حسن).

<<  <   >  >>