كم في المسلمين من ذوي الحاجة وأصحاب الهموم وصرعى المظالم وجرحى القلوب الذين لم يجدوا مَن يطرق بابهم، أو يسأل عن حالهم، أو يسعى في كشف الغم عنهم بدافع من خُلُق (النصرة).
نعني بالنصرة تلك الغَيْرة الإيمانية التي تدفع المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم المستضعف، أو لمد يد العون إليه، وبقدر ما تمارس هذا الخلق في حياتك اليومية تكون أقدر على الاستجابة لنداء داعي الجهاد لمنازلة البغاة أو الكافرين.
الأخوة الإيمانية ضريبتها النصرة، والقائم بحق النصرة أو المتخاذل عنها؛ كل منهما يلقي ثمرة ذلك - في الدنيا قبل الآخرة - جزاءً وفاقًا كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من امرئ يخذل امرءًا مسلمًا عند موطِن تُنتهك فيه حرمتُه، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر امرءًا مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته»(١).
وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعٍ، كان منها (نصر المظلوم)، ونصه: «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع، فذكر عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ورد السلام، ونصر المظلوم،
(١) مسند أحمد ٤/ ٣٠، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم ٥٦٩٠.