للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإجابة الداعي، وإبرار القسم» (١).

ويصف ابن الجوزي الظلم بأن المعصية فيه أشد من غيرها من المعاصي معلِّلًا ذلك بقوله: (لأنه لا يقع غالبًا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار) (٢).

وليس من شأن المسلم أن يرتضي لنفسه إيقاع الظلم بأخيه، أو أن يدع أخاه فريسةً بيد ظالم بذله، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلِمه، ومَن كان فيه حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» (٣).

فهل بعد هذا ترى مصيبة واقعة بأخيك وتسلمه لها وتخذله فيها، أم تُحتَقن دماؤك في عروقك ولا يروق لك نوم حتى تبذل ما تستطيع من جهد لكشف ما نزل من ضرٍّ بأخيك؟

لقد كان أبناء الجاهلية يتناصرون في الخير والشر، وأراد الإسلام لهذا الخلقِ أن يستمر بوجهه الخير معطيًا له معنًى جديدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انصُرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا.، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه - أو تمنعه - من الظلم فإن ذلك نصره» (٤).

فإن كنت تنصر قومك وعشيرتك وعُصْبتك، وتمنعُهم بكل الوسائل من إيقاع ظلم بمسلم - منهم أو من غيرهم - فتلك هي النصرة، وإلا فهي العصبية المقيتة المنتنة؛ التي أُمرنا


(١) صحيح البخاري - كتاب المظالم - باب ٥ - الحديث ٢٤٤٥ (فتح الباري ٥/ ٩٩).
(٢) عن فتح الباري ٥/ ١٠٠ - كتاب المظالم - باب ٨ - من شرح الحديث ٢٤٤٧.
(٣) صحيح البخاري - كتاب المظالم - باب ٣ - الحديث ٢٤٤٢ (فتح الباري ٥/ ٩٧).
(٤) صحيح البخاري - كتاب الإكراه - باب ٧ - الحديث ٦٩٥٢ (فتح الباري ١٢/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>