للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأوجبُ صور النصرة ما يكون فيه دفع أذى من أمير أو ذي سلطان أو صاحب سطوة؛ لأن هؤلاء أذاهم شديد، وناصحوهم قليل، والمتملقون لهم كثير، فيضيع الحق في غمرة المجاملات والمداراة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبرأ ممن يعينهم على ظلمهم، ولا ينصرهم على أنفسهم وأهوائهم بردعهم عن الظلم، وقد جاء هذا المعنى في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه ستكون بعدي أمراء، من صدّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وهو وارد علي الحوض» (١).

وإذا كان منع ظلم الملوك بنصرة المستضعفين خُلُقًا يتجمل به غير المسلمين، فالمسلمون به أولى وأحرى، وقد وصف عمرو بن العاص الروم بخصال استحسنها فيهم، فقال: (إنّ فيهم لخصالًا أربعًا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرَّة بعد فرّة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك) (٢).

ومن كانت نصرته بصورته الجاهلية نصرة على الباطل، ودورانًا مع العصبية، وإعانة على الظلم، فقد غضب الله عليه، كما في الحديث: «من أعان على خصومة بظلم - أو يعين على ظلم - لم يزل


(١) صحيح سنن النسائي للألباني - كتاب البيعة - باب ٣٥ - الحديث ٣٩٢٣ (صحيح).
(٢) صحيح مسلم - كتاب الفتن - باب ١٠ - الحديث ٣٥/ ٢٨٩٨ (شرح النووي ٩/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>