للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عنها لطلب مساواتهن بالسيدة عائشة رضي الله عنها؛ إذ كن يشعرن أن لها في قلبه منزلةً ليست لغيره، وكن يرين هدايا الناس تأتي أكثر ما تأتي حين يكون في بيت عائشة .. واستطالت زينب على عائشة بالكلام وعائشة تنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. تقول: (حتى عرَفت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكره أن أنتصر ..) (١)، وفي رواية: حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دونك فانتصري»، فأقبلت عليها حتى رأيته وقد يبس ريقها في فيها، ما ترد علي شيئًا، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهلل وجهه) (٢).

ولا يجوز للمنتصِر أن يتعدى على أخيه المسلم بأكثر مما أساء إليه، ولا يحق له أن يغمطه حقه، ففي رواية مسلم لحديث عائشة السابق تقول عائشة وفاءً لضرتها التي كانت تساميها في المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (.. ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب؛ وأتقى لله وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى، ما عدا سَوْرةً من حدَّة كانت فيها، تسرع منها الفيئة) (٣)، وذلك أدب النبوة فمع مبادأتها بالسباب لم تتجاوز حد العدل، ولم تغفل عن أن تعذرها.

ويجب أن نفرِّق بين انتصارنا من أخينا الذي غلب خيره والانتصار من الظالم المصر أو الكافر المستكبر، وإذا توقَّعت أن انتصارك من أخيك المسيء إليك قد يزيد الشر، ويوغل في التمادي وتفاقم


(١) صحيح مسلم فضائل الصحابة باب ١٣ الحديث ٨٣/ ٢٤٤٢ (شرح النووي ٨/ ٢١٤).
(٢) صحيح سنن ابن ماجه للألباني كتاب النكاح باب ٥٠ الحديث ١٦١١/ ١٩٨١ (صحيح).
(٣) صحيح مسلم - الحديث ٢٤٤٢ (سبق تخريجه).

<<  <   >  >>