للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصبر المحمود ما كان بغير تسخط ولا جزع ولا يأس ولا شكوى، وفي هذا المعنى يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ليس من أحد يقع الطاعون؛ فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد» (١).

يقول ابن حجر: (صابرًا؛ أي: غير منزعج ولا قلق، بل مسلمًا لأمر الله راضيًا بقضائه) (٢)، وحين أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصبر في بداية الدعوة أمر بالصبر الجميل {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا} [المعارج: ٥].

يقول القرطبي: (والصبر الجميل: هو الذي لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله) (٣).

والصبر المحمود ما كان فيه تمامُ التوكل على الله وكمال اليقين به، هذا اليقين الذي يجعل المجاهد مقبلًا غير مدبر، (قال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن قتلتُ في سبيل الله يكفر عني خطاياي؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم. إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ..» (٤) وهو الصبر المتجمل باليقين في ساعة المصيبة؛ بحيث لا يفقد صوابه ولا يهذي بلسانه.

وفي الحديث القدسي: «ابن آدم، إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرضَ لك ثوابًا دون الجنة» (٥).

قال الخطابي: (المعنى أن الصبر الذي يُحمَد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة،


(١) صحيح البخاري - كتاب الأنبياء - باب ٥٤ - الحديث ٣٤٧٤.
(٢) فتح الباري ١٠/ ١٩٣، من شرح كتاب الطب - باب ٣١ - الحديث ٥٧٣٤.
(٣) تفسير القرطبي ١٨/ ١٨٤.
(٤) صحيح سنن الترمذي للألباني - كتاب الإيمان - باب ٣٢ - الحديث (صحيح).
(٥) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الجنائز - باب ٥٥ - الحديث ١٥٩٧ (حسن).

<<  <   >  >>