للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلاف ما بعد ذلك فإنه على الأيام يسلو) (١).

إن الذين عاشوا حياة الصبر ذاقوا لذتها وقطفوا ثمرتها وتركت تلك المواقف الصابرة أثرها في حياتهم، قال عمر - رضي الله عنه -: (وجدنا خير عيشنا بالصبر) (٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «.. وما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر» (٣).

وقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبر بقوله: «والصبر ضياء» (٤).

يقول النووي: (والمراد أن الصبر محمود، ولا يزال صاحبه مستضيئًا مهتديًا مستمرًّا على الصواب) (٥).

وقد تعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخيرية التي تعم حياة الصابرين "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» (٦). وقال تعالى: {... وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ} [النحل: ١٢٦] وأهم ما في حياة الصبر من الخير أنها تميز الصف، وتكشف معادن الرجال {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: ٣١].

وقد يظن الناس أن الصبر ذلة لصاحبه مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤكد أنه «.. ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله - عز وجل -


(١) عن فتح الباري ٣/ ١٥٠ من شرح كتاب الجنائز - باب ٣١ - الحديث ١٢٨٣.
(٢) ذكره البخاري في ترجمة الباب ٢٠ من كتاب الرقاق.
(٣) صحيح البخاري - كتاب الزكاة - باب ٥٠ - الحديث ١٤٦٩.
(٤) صحيح مسلم - كتاب الطهارة - باب ١ - الحديث ١/ ٢٢٣ (شرح النووي ٢/ ١٠١).
(٥) شرح النووي لصحيح مسلم ٢/ ١٠٣ - ١٠٤.
(٦) صحيح مسلم - الزهد والرقائق - باب ١٣ - الحديث ٦٤/ ٢٩٩٩ (شرح النووي ٩/ ٣٣٥).

<<  <   >  >>