للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين يحبهم الله «الرجل يكون له الجار يؤذيه جواره فيصبر على أذاه؛ حتى يفرق بينهما موت أو ظعن ...» (١).

والمجاهد الذي يسعى لاستئناف الحياة الإسلامية وإقامة المجتمع الإسلامي لا بدَّ له من الصبر على طول الطريق، وضعف الإخوة، وعناء المجاهدة، وعنت البلاء، بالإضافة إلى صبره على مدافعة الظلم والظالمين، وعندئذٍ يتذوق معاني الإيمان «أفضل الإيمان الصبر والسماحة» (٢).

(والصبر هو زاد الطريق في هذه الدعوة؛ الصبر على شهوات النفس ورغائبها، وأطماعها ومطامحها، وضعفها ونقصها، وعجلتها وملالها من قريب، والصبر على شهوات الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصوُّرهم، وانحراف طباعهم، وأثرتهم، وغرورهم، والتوائهم، واستعجالهم للثمار! والصبر على تنفج الباطل، ووقاحة الطغيان، وانتفاش الشر، وغلبة الشهوة، وتصعير الغرور والخيلاء! والصبر على قلة الناصر، وضعف المعين، وطول الطريق، ووسوس الشيطان في ساعات الكرب والضيق! والصبر على مرارة الجهاد لهذا كله، وما تثيره في النفس من انفعالات متنوعة من الألم والغيظ، والحنق والضيق، وضعف الثقة أحيانًا في الخير، وقلة الرجاء أحيانًا في الفطرة البشرية؛ والملل والسأم واليأس أحيانًا والقنوط! والصبر بعد ذلك كله على ضبط النفس في ساعة القدرة والانتصار والغلبة، واستقبال الرخاء في تواضع وشكر، وبدون خيلاء وبدون اندفاع إلى


(١) مسند أحمد ٥/ ١٥١، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ٣٠٧٤.
(٢) صحيح الجامع برقم ١٠٩٧ (صحيح).

<<  <   >  >>