للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ضرب لنا القرآن مثلًا عمليًّا في الصبر على طلب العلم؛ حيث اشترط العبد الصالحُ على موسى عليه السلام الصبرَ من البداية، وظن موسى أنه يستطيع أن يصبر: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ ...} [الكهف: ٦٩]، وفي كل مرة يُذكِّره العبد الصالح {قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: ٧٥]، حتى فارقه بعد ثلاث مرات من تذكيره إياه، وقد جاء في الحديث: «.. ولو صبر لرأى العجب» (١)، فالعلم لا يفتح كنوزه إلا للصابرين المثابرين.

والصبر ضروري في تربية الأولاد، وخاصة إن كن بنات، وبالصبر على التربية ينفتح للمربي باب من الأجر أو يكتب له ستر من النار كما في الحديث: «مَن كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جِدَتِه كن له حجابًا من النار يوم القيامة» (٢).

وقال تعالى: {وَامُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: ١٣٢].

ولأن المؤمن إلف مألوف فلا بد أن يتزود بالصبر على أخطاء الناس؛ ليتمكن من مخالطتهم، ومن إصلاح أحوالهم، وفي ذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» (٣)، ومن الثلاثة


(١) صحيح مسلم - كتاب الفضائل - باب ٤٦ - الحديث ١٧٢/ ٢٣٨٠ (شرح النووي ٨/ ١٥٣).
(٢) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الأدب - باب ٣ - الحديث ٢٩٥٩ (صحيح).
(٣) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الفتن - باب ٢٣ - الحديث ٣٢٥٧ (صحيح).

<<  <   >  >>