للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ادع الله أن يحببني .. إلى عباده المؤمنين».

لا شك أن مقصود المسلم رضا الله قبل رضا سواه، كما أنه لا شك بأننا حين نتَّسِم بالفظاظة وغلظة القلب نُنفِّر الناس منا وينفضُّون عنا، والجمع بين ما يحبه الله والتحبب إلى الناس ليس بالأمر العسير؛ إن التزَمْنا الحكمة واشتغلنا بمقاصد الشرع.

ما نقصده بالتحبب إلى الناس: التخلق بمجموعة من الصفات الرفيقة والودودة، التي إن توفرت في شخصية المسلم تجعل الناس ينجذبون إليه، ويتعلقون به، ويقبَلون منه، وقد كان هذا شأنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد ورد في الأثر أنه: (من رآه بديهةً هابه ومَن خالطه معرفةً أحبه) (١)، فالحرص على التحبب إلى الناس إنما يقصد منه المسلم ضمان فتح القلوب لقَبول الدعوة، وبالوسائل والأساليب المؤثرة في طباع البشر عادة، ولقد كان أبو هريرة - رضي الله عنه - يطلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له بالحب والتحبب: (ادعُ الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا)، فاستجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعا: «اللهم حبِّب عُبَيدك هذا - يعني أبا هريرة وأمه - إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين ..» (٢).

ولم يكن من العيب أن يأتي رجل ليقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دُلَّني


(١) سنن الترمذي - المناقب - باب ٣٨ - الحديث ٣٧١٨، وقال الترمذي: (ليس إسناده بمتصل).
(٢) صحيح مسلم - فضائل الصحابة - باب ٣٥ - الحديث ١٥٨/ ٢٤٩١ (شرح النووي ٨/ ٢٨٤).

<<  <   >  >>