للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس، بل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدله على أسباب تحصيل هذه المحبة، كما في الحديث: «ازهَد في الدنيا يحبَّك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يُحبُّوك» (١).

وواضح في هذا حرص الصحابة على أن تكون شخصياتهم مقبولة ومرضية لدى الناس؛ بالإضافة إلى حرصهم على أن يبلغوا رضا الله بغير تعارض بين الحرصين؛ لأن في كل منهما رضا الله، فآل الأمر في كليهما إلى شيء واحد.

وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحبب إلى بعض ضعاف الإيمان بشيء من العطايا تأليفًا لقلوبهم واستنقاذًا لهم من النار، كما في قوله: «إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه خشية أن يكُبَّه الله في النار» (٢).

وهل ترى حافزًا على التحبب إلى الناس أكثر من تحريض الأئمة والأمراء على التقرب إلى الرعية، ودفع الرعية إلى التحبب لأمرائهم الأتقياء؟!

وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بخيار أمرائكم وشرارهم؟ خيارهم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتدعون لهم ويدعون لكم، وشرار أمرائكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم» (٣).

ولا ريب أن خلق التحبب هذا إن لم يكن خالصًا لله فسينقلب


(١) صحيح سنن ابن ماجه للألباني كتاب الزهد - باب ١ - الحديث ٣٣١٠/ ٤١٠٢ (صحيح).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الإيمان - باب ١٩ - الحديث ٢٧ (فتح الباري ١/ ٧٩).
(٣) صحيح سنن الترمذي للألباني - كتاب الفنن - باب ٦٣ - الحديث ١٨٤٥/ ٢٣٧٦.

<<  <   >  >>