للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ .. (١)}

كم سيكون مجتمعًا بغيضًا ذلك المجتمع الذي يتبارى الناس فيه بما يدبرونه من الكبد ردًا على إساءة؟!

وكم ستكون نفسًا خبيثة تلك النفس التي لا تطمئن حتى تكيل الصاع صاعين لمن أخطأ في حقها؟!

إن المبادرة بالإحسان إلى أي إنسان أسهل بكثير من دوام الإحسان إلى مَن أساء إليك، واستمرار الصلة مع من قطعك، والتزام العفو عمن ظلمك، وذلك هو الدفع بالأحسن.

إن المتشبِّع بروح التضحية، والمتسنم لذروة سام الإسلام، والمتطلع إلى مقامات الشهادة، لن يصعب عليه أن يقوى على فورة لانفعال البشري؛ ليعفو ويصفح، بل يُنتظر منه أن يكسر شوكة الهوى، ونزعة الضعف لديه ولدى المسيء إليه؛ بمقابلة الإساءة بالإحسان.

وتبدأ تربية النفس على الإحسان بالخروج من طوق (الإمَّعة) إلى التميز بالشخصية: (لا تكونوا إمَّعة؛ تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا) (٢)، كما جاء هذا المعنى في قول عثمان - رضي


(١) [المؤمنون ٩٦].
(٢) سنن الترمذي - البر - باب ٦٣ وحسنه الأرناؤوط (جامع الأصول ١١/ ٦٩٩ - الحديث ٩٣٤٩).

<<  <   >  >>