(التبشير) شعار أعلنه المنصِّرون، وتسموا به، وسلكوا طرقه وأساليبه، وكثيرًا ما كنا نرى أساليبهم يستبشر لها المتعاملون معهم، بينما كانت طريقة تعامل بعض الدعاة ينفر منها المدعوُّون، أوليس الداعية أحقَّ باسم التبشير خُلقًا ووسيلة وغاية؟!
وأقصد بخلق (التبشير): التخلق بالصفات التي تستدعي الاستئناس والارتياح والتحبب وبث الأمل في القلوب، والبعد عن أساليب (التنفير) ودواعي الانقباض، حتى في التخويف من الله والترهيب من النار.
لقد بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيرًا لأتباعه، نذيرًا لأعدائه، بل كانت مهمة الرسل لا تعدو هذينِ الوصفين:{وَمَا نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ...}[الأنعام: ٤٨]، [الكهف: ٥٦]، وقد أمر الله في كتابه بتبشير المؤمنين والصابرين والمحسنين والمخبتين، في آيات كثيرة.
وكان من أساليب تبشير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يختار الوقت المناسب والقدر المناسب لأداء الموعظة والعلم كيلا ينفر الصحابة، وفي ذلك يقول - صلى الله عليه وسلم -: «يَسِّروا ولا تُعسِّروا، وبَشِّروا ولا تُنفِّروا»(١).
وعلق عليه ابن
(١) صحيح البخاري - كتاب العلم - باب ١١ - الحديث ٦٩ (فتح الباري ١/ ١٦٣).