للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجر بقوله: (المراد تأليف من قرب إسلامه، وتركُ التشديد عليه في الابتداء، وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطف ليقبل، وكذا تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج؛ لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلًا حبب إلى مَن يدخل فيه، وتلقَّاه بانبساط، وكانت عاقبته غالبًا الازدياد ..) (١).

ومن حكمته - صلى الله عليه وسلم - أنه استعمل أساليب التبشير في إيقاظ الهمم والتنشيط للطاعة، ومن ذلك قوله: «بشِّر المشائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التامِّ يوم القيامة» (٢)، وصلى العشاء مرة بأصحابه، وقبل أن ينصرفوا قال لهم: «على رسلكم، أبشروا، إن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيركم»، قال أبو موسى الأشعري: فرجعنا ففرحنا بما سمعنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

ويحتاج الإنسان في حالات الاضطراب إلى التبشير بما يزيل عنه دواعي الاضطراب، فبعد نزول الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر لخديجة رضي الله عنها ما جرى له، وأخبرها بخوفه على نفسه من هذه الظاهرة الجديدة، فبشَّرته بأن له من سابقة الخير ما يستبعد معها مكافأة الله له بمكروه، فقالت: (كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله


(١) فتح الباري ١/ ١٦٣.
(٢) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب المساجد - باب ١٤ - الحديث ٦٣٣/ ٧٨١ (صحيح).
(٣) صحيح البخاري - كتاب المواقيت - باب ٢٢ - الحديث ٥٦٧ (فتح الباري ٢/ ٤٧).

<<  <   >  >>