للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمؤمن بشير في مواقف الأسى يسري عن الناس أحزانهم؛ بما يدخل البهجة إلى قلوبهم، ويُبعد الكآبة عنهم، كتب زيد بن أرقم إلى أنس بن مالك زمن الحرة يعزِّيه فيمن قُتل من ولده وقومه، فقال: أبشرك ببشرى من الله عز وجل، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار ...» (١).

ولقد بشر الله المبايعين على الجهاد بما ادخر الله لهم من الأجر إن وفُّوا بالبيعة:

{... فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ....} [التوبة: ١١١]، وبشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الموحِّدين بالجنة جزاءَ التزامهم بكلمة التوحيد قولًا واعتقادًا وعملًا - رحمة منه سبحانه -: «أبشروا. وبشروا من وراءكم؛ أنه من شهد أن لا إله إلا الله صادقًا من قلبه، دخل الجنة» (٢) وقال جبريل عليه السلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبشرًا المؤمنين الحذرين من صور الشرك كبيرها وصغيرها: «بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا، دخل الجنة ..» (٣).

وفي توبة كعب بن مالك صورة عملية من صور التعاطف الاجتماعي والتهنئة بقبول التوبة، حيث ذهب إليه عدد من المبشرين، فناداه أحدهم قبل أن يصل إليه: (يا كعبُ بنَ مالكٍ، أبشر، يقول كعب: فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج)، وتلقاه الناس فوجًا


(١) مسند أحمد ٤/ ٣٧٠، وفي إسناده عند أحمد رجل فيه كلام، ولكن رواه الشيخان من وجه آخر (انظر بلوغ الأماني ٢٢/ ١٧٣ - ١٧٤).
(٢) صحيح الجامع برقم ٣٥ (صحيح).
(٣) صحيح البخاري - كتاب الرقاق - باب ١٣ - الحديث ٦٤٤٣ (فتح الباري ١١/ ٢٦١).

<<  <   >  >>