للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوجًا يهنئونه بالتوبة ويقولون له: (لتهنك توبة الله عليك)، ولما سلم على رسول الله قال - صلى الله عليه وسلم -، وهو يبرق وجهه من السرور: «أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ..» (١).

ومن لطيف ما ورد في هذه القصة رواية نقلها صاحب الفتح، تبين مدى حرص المجتمع الإسلامي على تبادل البشريات، يقول كعب: (فأنزل الله توبتنا على نبيه حين بقي الثلث الأخير من الليل، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أم سلمة، وكانت أم سلمة محسنة في شأني معتنية بأمري، فقال: «يا أم سلمة! تِيب على كعب»، قالت: أفلا أُرسِل إليه فأبشره؟ قال: «إذًا يحطمكم الناس فيمنعوكم النوم سائر الليلة» (٢).

فقد كانت أم سلمة حريصة على ألا تنتظر الصباح وألا تدخر البُشرى لرجل مسلم.

وقد وعد الله الذين آمنوا وكانوا يتقون بأن {لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ...} [يونس: ٦٤]، ومن البشرى العاجلة في الحياة الدنيا: أن يلقى المسلم قبولًا حسنًا من إخوانه، وأن تشكره على إحسانه، فذلك من التبشير، وقد روي مسلم في باب: (إذا أُثنِي على الصالح فهي بشرى ولا تضره) حديثًا جاء فيه: (قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟)، قال: «تلك عاجل بُشرى المؤمن» (٣).

وحالُه - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه التبشير، كما


(١) صحيح البخاري - كتاب المغازي - باب ٧٩ - الحديث ٤٤١٨ (فتح الباري ٨/ ١١٦).
(٢) عن فتح الباري ٨/ ١٢١ - ١٢٢.
(٣) صحيح مسلم - كتاب البر - باب ٥١ - الحديث ١٦٦/ ٢٦٤٢ (شرح النووي ٨/ ٤٢٨).

<<  <   >  >>