شَيْئًا مَّذْكُورًا. إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان:١،٢]. وإنها لمن أعظم الآيات القرآنية الباهرة! آية تملأ القلب هلعاً ووجلاً، تدبر معي كيف أن الإنسان دأب على التذكر والتفكير في الزمان، من عمره الفردي والاجتماعي، سواء تعلق ذلك بالماضي أو الحاضر أو المستقبل، ولا شيء بعد ذلك.
والمقصود بالعمر الفردي، وحدة العمر المعروفة بالنسبة لكل فرد من الناس في نفسه، فالإنسان في هذه الحال يفكر بطبعه في الماضي، وهو التذكر والذكريات، ويفكر في الحاضر وهو هم المعاش والحياة اليومية والأعمال الحالية، ويفكر في المستقبل وهو التخطيط والتدبير لمقبل الأيام، وهو ما يحدوه من حياته طول الأمل والطموح، وهو على هذا حتى يموت، هذا هو الإنسان من الناحية الزمانية.
وأما العمر الاجتماعي فالمقصود به التفكير الجماعي في الماضي، وهو علم التاريخ الذي قد يدرس فيه الإنسان مرحلة ما قبل ماضيه الشخصي، لكنه ماضي الإنسان الاجتماعي على كل حال، كما أنه قد يفكر في زمانه الحاضر والمستقبل، وهو شأن مؤسسات الدولة والمجتمع في التخطيط والتدبير السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام.
والإنسان في جميع الأحوال المذكورة إنما يفكر في شيء واحد هو (أنا)، بمعناها الفردي والاجتماعي. والعجيب