للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يَسِيرٌ. قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت:١٩،٢٠]، ولذلك قال تعالى: {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأعراف:١٨٧] كما أوردناه قبل.

إن الساعة إذن؛ هدم وبناء: هدم لكون الدنيا، وبناء لكون الآخرة، إنها تحول كوني عجيب من طبيعة إلى أخرى، يحدث في لحظة واحدة، كاللمحة من البصر! كما في قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النحل:٧٧]. وقال: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:٥٠].

إن الكون الدنيوي خلق فان، ومعمار إلى زوال، هذه هي الحقيقة الأولى.

أما الحقيقة الثانية: أي مفهوم الزمان؛ فهو مرتبط في دلالته بالمكان، بل إنما الزمان وليد حركة المكان، فالمكان الفاني لا ينتج عنه إلا زمان فان. كما أن المكان الخالد لا ينتج عنه إلا زمان خالد. ومن هنا كان العمر البشري -مهما توهمنا أنه طال- قصيراً جدّاً. ويكفينا في ذلك حقيقة واحدة: هي أن الشهوات الدنيوية كلها، لذتها تنتهي ببدايتها! كل شوق إلى المزينات الدنيوية يموت بمجرد الحصول عليها، فلذة الطعام الشهي الجميل إنما تشعر بها

<<  <   >  >>