للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احتمال كفره وقتله مع احتمال إسلامه تعين تركه لخطر الدماء، ولأنا رأينا الشارع ترك كثيرًا من الكفار فلم يقتلهم، ولم نره قط قتل مسلمًا، وهذا المعنى/ وحده كافٍ في عدم قتل الزنديق إذا تلفظ بالإسلام.

وقولهم: إنه يتخذ ذلك ذريعة، كلما خشي القتل تلفظ بالإسلام، وإذا رفع عنه القتل عاد، جوابه: بأنا نؤدبه التأديب البليغ، وخوفه من ذلك ومن قيام السيف كل وقت يمنعه من ذلك.

وأيضًا ليس لنا أن ننصب زواجر لم يأذن بها الشرع، ونحن تبع للشرع، حيث قال: اقتلوا، قتلنا، وحيث لم نجد نصًا توقفنا، ولا ننصب سياسات واستصلاحات من أنفسنا.

ولنا وجه ثالث قاله الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني: أنه إن أخذ ليقتل فتاب لم تقبل توبته، وإن جاء تائبًا وظهرت عليه مخايل الصدق قبلت، ومأخذه ما تقدم في الحرابة والفرق بين أن يتوب قبل القدرة عليه أو لا، ولكنه لم يسلك به مسلك الحرابة من كل وجه.

وأيضًا فالحرابة جريمة كالزنا يقتل عليها مع الإسلام، وهنا إنما يقتل على الكفر، فلا وجه لإلحاق هذا بالحرابة، لا سيما مع خطر الدماء، فالوجه الكف عنها وأن لا تراق بمثل هذه الأقيسة الضعيفة حتى يأتي نص أو دليل قوي.

<<  <   >  >>