وكل موضع قلنا انتقض عهده فإنه تستوفى منه الحقوق لأنه التزمها.
فإذا استوفيت منه الحقوق فقد اختلف قول الشافعي، فقال في الجزية:"يرد إلى مأمنه"، وقال في النكاح:"يكون الإمام مخيرًا بين أن يسترقه وأن يقتله لأنه حربي لا أمان له"، ومن قال بالأول قال: لأنه حصل في دار الإسلام بأمان فلا يجوز قتله ولا استرقاقه قبل رده إلى مأمنه، كما إذا حصل بأمان صبي، وإذا قلنا لا يجب رده إلى مأمنه فوجهه ما روي عن أبي عبيدة أنه ضرب رقبة النصراني، ولأنه نقض العهد بفعله. هذا كله في أهل الذمة".
انتهى كلام القاضي أبي الطيب، وقد استوفيته لأني أريد أتكلم عليه. ومحل المقصود منه: كلامه مع أبي بكر الفارسي، ورده عليه إما أن يكون ردًا لما ادعاه من القتل، أو لكونه حدًا، أو لدعواه الإجماع، أو ليس لشيء من ذلك ولكن لدعواه انتقاض العهد به، ويكون فهم عنه من قوله: "يقتل" أن مراده انتفاض عهده، فإن كان الرابع فليس مما نحن فيه في شيء، والخلاف في انتفاض العهد بذلك ثابت، والترجيح فيه سيأتي، وكون قضية ابن خطل والقينتين دالة لذلك أو لا: لا يضرنا، ويرشد إلى أن مراد القاضي أبي الطيب ذلك أنه إنما ذكر هذا في معرض انتقاض العهد.
ولا يرد على هذا أنه يتحد هو وقول أبي إسحاق، لأنا نقول: قول أبي إسحاق في ذكر الله وكتابه ودينه ورسوله، وهذا في الرسول فقط وامتاز بدعوى الإجماع.