وروى غير الواقدي أن هذه القصة جرت عند معاوية وأن ابن مسلمة قال: يا معاوية، أيغدر عندك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا تنكر؟! والله لا يظلني وإياك سقف بيت أبدًا، ولا يخلو لي دم هذا إلا قتلته.
وهذا ابن يامين هو السفيه الذي أشرنا إليه، ولا أدري هل كان يهوديًا أو متظاهرًا بالإسلام، إلا أن المدينة لم يكن فيها في زمن مروان أحد من اليهود، ولعل مروان أو معاوية ـ إن ثبت أن القصة كانت عنده ـ إنما سكت عن قتله لتجويزه أن يكون ابن يامين إنما نسب الغدر إلى ابن مسلمة وأصحابه، ولو تحقق منه أنه نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوقف في قتله، فقد اتفق الكفار والمسلمون على أنه لا يغدر، ألا ترى إلى قصة أبي سفيان ـ وهو كافر ـ مع هرقل، فمن نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم غدرًا يقتل مسلمًا كان أو كافرًا.
وذكر الخطابي قصة ابن يامين عند معاوية. وقال الخطابي:
"أبعد الله ابن يامين وقبح رأيه هذا، كان كعب بن الأشرف يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه وعاهده ألا يعين عليه، ولحق بمكة، ثم نقض مع كفره؛ فاستحق القتل لغدره ولنقضه العهد مع كفره".