قال ابن تيمية: واختلف أصحاب الشافعي أيضًا، فمنهم من قال: يجب قتل الساب حتمًا وإن خير في غيره، ومنهم من قال: هو كغيره من الناقضين للعهد، وفيهم قولان: أضعفهما أنه يلحق بمأمنه، والصحيح منهما جواز قتله، قالوا: ويكون كالأسير يجب على الإمام أن يفعل فيه الأصلح للأمة من القتل والاسترقاق والمن والفداء.
قلت: ولم أر في كلام الشافعية تصريحًا بما ذكره، وكأنه أخذ ذلك من مقتضى كلامهم كما تصرف في كلام أصحابهم، والصواب أن لا يثبت في ذلك خلاف وإن كان قضية كلام المطلقين التسوية بين الساب وغيره من ناقضي العهد، وأن يؤخذ بكلام من أطلق القتل في الساب.
ثم إن هذا كله فيمن كان ذميًا أو معاهدًا ونقض، أما الحربي الذي لم يتقدم له عهد وأسر بعد أن سب أو سب في حال الأسر فهو الذي قلت إنه ينبغي أن يتعين قتله وإنني لم أجده منقولاً.
وكذلك لا ينبغي أن يجوز تأمين الحربي الساب، ولو أمنه شخص لا يصح أمانه، وبهذا يجاب عن قول من قال: إن ما صدر من محمد بن مسلمة وأصحابه شبهة أمان، فنقول: على تقدير تسليم ذلك/ هو أمان باطل لا يمنع القتل.