وجوابه ـ بعد تسليم أن ذلك في أهل الذمة وأن الصبر ينافي القتل ـ: بأنه منسوخ بآية السيف، فقد ورد أن ذلك كان قبل بدر، وكانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم قبل بدر الإمساك عن جميع الكفار، وبعد بدر عز الإسلام فصار لا يمسك عمن يؤذيه وغيرهم بقتل من يؤذيه، وربما عفى عن بعضهم إلى أن نزلت "براءة" وفتحت مكة وكمل الدين، فلم يجسر أحد من المنافقين بعد تبوك ينبز بكلمة.
الاعتراض الثاني: أن اليهود كانوا يقولون: السام عليك ولم يقتلهم.
وجوابه: قيل إن ذلك في حال ضعف الإسلام وخشية الفتنة من الانتقام، وقيل لأنهم أخفوه ولم يظهروه، فكان كالأشياء التي تصدر من المنافقين ويطلع النبي صلى الله عليه وسلم من غير ظهورها للصاحبة، وذلك لا يقتضي القتل كما سبق، وإن كانت عائشة تفطنت لذلك فأكثر الصحابة لم يتفطنوا له حتى تقوم السنة بذلك، وأيضًا فإن الحق له عليه السلام فله أن يتركه.
الاعتراض الثالث: عدم قتل من تعرض لشيء من ذلك من الأعراب يوم حنين وغيره، وقد تقدم شيء منه، وهي وقائع كثيرة وإن كان فيمن ظاهره الإسلام، وإذا جاز ترك المسلم فترك الذمي أولى.