وجوابه: أما في الكفار فلأن الحق للنبي صلى الله عليه وسلم،/ فله أن يعفو وأن يؤخر، وأما في المسلم فلما قدمناه في الباب الأول وجهل من يصدر منه، وكما كان يعفو عن المنافقين الذين يتحقق نفاقهم.
الاعتراض الرابع: أن أهل الذمة أقررناها على دينهم، ومن دينهم استحلال سب النبي صلى الله عليه وسلم.
وجوابه: أن من دينهم استحلال قتال المسلمين، ولو فعلوه انتقض العهد قطعًا، ودعوى أنا أقررناهم على دينهم مطلقًا ممنوعة، لأن من دينهم هدم المساجد، وإحراق المصاحف، وقتل العلماء والصالحين، وأخذ أموال المسلمين، وإظهار الطعن في الدين، والمحاربة، ولا خلاف أنهم لا يقرون على شيء من ذلك، ففي دينهم أن الجزية لا تجب عليهم ولا سائر ما نوجبه عليهم؛ وإنما أقررناهم على اعتاقدهم، ولا نعترض عليهم فيما يخفونه منه ولا فيما يظهرونه مما لا ضرر فيه على المسلمين أو مخالفة لشرطهم، فإن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صحابها، وإذا أعلنت ضرت العامة.
ودعوى أن من دينهم استحلال سب النبي صلى الله عليه وسلم مطلقًا ممنوعة، إنما ذلك قبل العهد، أما بعد العهد فلا، كما أن من ديننا استحلال أذاهم قبل العهد لا بعده، لأن الوفاء بالعهد واجب في جميع الملل، فإن قدر أن من دينهم أن الوفاء بالعهد لا يجب ولا يلزم الوفاء بالشرط فلا يصح عقد الهدنة معهم، لأنه لا يوثق بها، ونحن قد عاهدناهم على أن يكفوا عن أذانا بألسنتهم وأيديهم، وأن لا يظهروا شيئًا من أذى الله ورسوله، وأن