في شوال المبارك سنة إحدى وخمسين وسبعمئة حين وقع نصراني حصل منه قذف بشع فظيع، وحيل بني المسلمين وبينه فلم يقتلوه، ثم بعد ثلاث عشرة سنة وقع وأخذوه فتلفظ بالشهادتين المعظمتين، فلم ينشرح صدري للحكم بحقن دمه ورأيت قتله، لأن هذه الواقعة ما أظن وقع مثلها، ولا شك أن درجات الشتم والسب والقذف متفاوتة، ودرجات من يصدر منه ذلك في: السهو وسبق اللسان، والغلط الناشئ عن حدة في بعض الأوقات من متحفظ في غالبها، والتعمد الناشئ عن خبث باطن، والجرأة والقحة، وقصد الأذى: متفاوتة، وليس من اللازم إذا حصل اختلاف من العلماء في أدنى الدرجات أو أوسطها أن يحصل في أعلاها، فإذا حصل مثل هذا القذف البشع ممن عرفت جرأته واستهزاؤه يبعد القول بقبول توبته وأنها تسقط ما وجب، لا سيما وحد القذف لا يسقط إلا بالإسقاط، ومن يسقط هذا الحد الناشئ عن لفظ لا يحتمل المسلمون سماعه ولا التفوه بحكايته؟! والحد في مثل هذا إنما هو بالقتل لا بجلد ثمانين.