ونحن أيها المسلمون وإن قمنا مقام علمائه فلا نرى إسقاط حق نبينا من ذلك، والإرث متعذر لأن الأنبياء إنما ورثوا العلم، ولو فرضنا أن هذا الحق يورث عنهم فبنو عمه منتشرون غير منحصرين، ولا يعرف الأقرب منهم الذي يصح الإبراء منه.
وحد القذف في هذا إنما هو القتل، بدليل الإجماع على أنه الواجب قبل الإسلام، وإعلاء لقدر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون التجري عليه كالتجري على غيره.
وهذا الذي رأيته في هذه الواقعة الخاصة لا أطرده في كل صورة، لما أشرت إليه هنا من تفاوت الدرجات.
وقد أشرت في أثناء الفصل المتقدم إلى هذا التفصيل، وذكرت ما يدل على عدم اعتماده هناك، ولكني هنا أبديت ما يدل على اعتماده، وهو الأولى، ولا شك أن النوع الواحد قد تختلف أحكام أفراده باختلاف مراتبها، فالفقيه الحاذق يعطي كل فرد حقه من النظر إذا لم يكن ضابط من الشارع يسوي بين أفراد ذلك النوع./
وقد حصل النظر مرات في أنه إذا كان في مسالة قولان في المذهب وأحدهما هو المشهور الراجح هل للحاكم الذي ليس من أهل الاجتهاد أن يحكم بخلافه؟ أو للحاكم الذي من أهل الاجتهاد أن يحكم بخلافه إذا ظهر له مصلحة في الحكم به وإن لم يترجح دليله عنده؟
والذي أراه في الحالة الأولى أنه لا يجوز، وعندي في الحالة الثانية توقف.