وهذا الحديث الذي فيه حصر أسباب قتل المسلم في ثلاث لم يتعرض لغير المسلم، فلا جرم لم يكن ما ذكرناه مخالفًا للحديث، والله أعلم.
فإن قلت: قوله: "لا يحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس" لا دلالة فيه على سقوط القتل بالإسلام لا عن الساب ولا عن المرتد بغير السب، بل قد يكون فيه دليل على القتل وإن أسلم كما ذهب إليه الحسن والظاهرية في المرتد، وجماعة غيرهم في السب، لأنه صدق أنه حصل منه كفر بعد إيمان سواء أرجع عنها أم لم يرجع، وليس في الحديث أنه كفر موجود حالة القتل، فقد يكون وصف طريان الكفر على الإيمان/ موجبًا للقتل حتمًا لا يسقط بالإسلام، بخلاف الكفر الأصلي.
قلت: صدنا عنه أمور، أقواها: توبة الحارث بن سويد من الردة، وقبول النبي صلى الله عليه وسلم لها، ونزول القرآن العظيم فيه، وكان بعد ذلك من خيار المسلمين مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقتله، فعلمنا أن المراد كفر موجود حالة القتل، ولا التفات إلى الخلاف في ذلك مع القرآن والسنة الصحيحة، دع ما يرشد إليه المعنى ويفهمه كل عربي صحيح الطبع من أن المراد ذلك، وتقتضيه القواعد الأصولية من ترتيب الحكم على العلة وأنه يوجد